قال صلى الله عليه وسلم:
«إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ،
وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِفَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ،
وَيُنَادِى مُنَادٍ: يَابَاغِىَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِىَ الشَّرِّ أَقْصِرْ .
وللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِوَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ»([1])
([1]) رواه الترمذي واللفظ له(682) وقال:غريب، وابن خزيمة في صحيحه بنحوه (1883)، وابن حبان (8/221) وقال الشيخ شعيب في التحقيق (إسناده قوي) ، والحاكم في المستدرك (1532) وقال: (حديث صحيح على شرط الشيخين.
شرح الحديث:
قال الحافظ رحمه الله تعالى :«وَقَوْلُهُ " صُفِّدَتْ " ... أَيْ شُدَّتْ بِالْأَصْفَادِ ؛ وَهِيَ الْأَغْلَالُ، وَهُوَ بِمَعْنَى سُلْسِلَتْ.. وفِي تَصْفِيد الشَّيَاطِين فِي رَمَضَان إِشَارَة إِلَى رَفْع عُذْرالْمُكَلِّف، كَأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ: قَدْ كُفَّتْ الشَّيَاطِينُ عَنْك فَلَا تَعْتَلَّ بِهِمْ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ وَلَا فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ.» اهـ منفتح الباري.
«صُفِّدَتْ الشياطينُ وَمَرَدَةُالْجِنِّ » المردة جَمْعُ مَارِدٍ كَطَلَبَةِ وَجَهَلَةِ ، وَهُوَ- أي المارد- الْمُتَجَرِّدُ لِلشَّرِّ ، وَمِنْهُ الْأَمْرَدُ لِتَجَرُّدِهِ مِنْ الشَّعْرِ ، وَهُوَ-أي العطفُ- تخْصِيصٌ بَعْد تَعْمِيمٍ، أَوْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَبَيَانٍ كَالتَّتْمِيمِ . وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي تَقْيِيدِ الشَّيَاطِينِ وَتَصْفِيدِهِمْ كَيْ لَا يُوَسْوِسُوا فِي الصَّائِمِينَ . وَأَمَارَةُ ذَلِكَ تَنَزُّهُ أَكْثَرِ الْمُنْهَمِكِينَ فِي الطُّغْيَانِ عَنْ الْمَعَاصِي وَرُجُوعِهِمْ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.»اهـ من تحفة الأحوذيّ بتصرف كثير.
«وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِفَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْيُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ »...فيه إشارة إلى أن الأزمنة الشريفة والأمكنة اللطيفة لها تأثيرٌ في كثرة الطاعة وقلة المعصية، ويشهد به الحس والمشاهدة، لتغتنم الفرصة،
ويشير إلى هذا المعنى السابق قولُه: « وينادي مناد» أي... ببيان المقال من عند الملك المتعال «يا باغي الخير» أي يا طالب العمل والثواب «أقبل» أي إلى اللهِ وطاعتِه بزيادة الاجتهاد في عبادته وهو أمرٌ من الإقبال، أي تعال فإن هذا أوانُك؛ فإنك تُعطَى الثوابُ الجزيل بالعمل القليل، أو معناه: يا طالب الخير الُمعرِض عنا وعن طاعتنا أقبل إلينا وعلى عبادتنا، فإن الخير كله تحت قُدرتنا وإرادتنا،
«ويا باغي الشر» أي يا مُريد المعصية ... أي أمسكْ عن المعاصي، وارجع إلى الله تعالى؛ فهذا أوانقبول التوبة وزمان الاستعداد للمغفرة. ولعلَّ طاعةَ المطيعين وتوبة المذنبين ورجوعَ المقصرين في رمضان من أثرِ النداءين ، ونتيجةِ إقبال الله تعالى على الطالبين...
«ولله عتقاء» أي كثيرون من النار، فلعلك تكون منهم «وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ»» اهـ بتصرفٍ يسير من مرقاةالمفاتيح للملا على القاري رحمه الله تعالى
توقيع نبــــــــْضٌ |
منتدياات حد الغربية
|