EMANUEL KANT

25/04/2008

<table style="PADDING-RIGHT: 15px; PADDING-LEFT: 15px; PADDING-BOTTOM: 15px; PADDING-TOP: 15px" align=center><tr><td></TD></TR></TABLE>

إيمانويل كانط .. صاحب مشروع السلام الدائم

هناك حلم بمجتمع كامل وحلم بسلام دائم بين الشعوب، لذا تأتي مساهمات عديدة نتيجة الأوجاع والأحزان التي تحياها الشعوب لغياب فكرة السلام ، فلكي نفهم ما يجري حولنا من أمور وقضايا شائكة ينبغي أن نرجع للوراء مائتي عام تقريباً، لنري ما هي تصورات من سبقونا خاصة فلاسفة التنوير الأوروبي( أمثال جان جاك روسو وفولتير وايمانويل كانط) وما تحقق في بلادهم من ثمرات وانجازات تحققت بناء على أفكارهم حول إصلاح الاوضاع المختلفة في البلاد.

" إيمانويل كانط " ... الفيلسوف الألماني ولد عام 1732م وتوفى عام 1804م ، اشتهر بما قام به من ربط بين السياسة والأخلاق في اتجاه معاكس ل " مكيافيللي " صاحب فكرة الغاية تبرر الوسيلة ، وكان ذا نزعة أخلاقية متفائلة ، يعتقد دائماً في عالم قائم علي الحق والعدل والقانون الدولي ، كان يبرر الحرب بشرط واحد ، أن تؤدي لنشر الحرية والدستور المدني وفكرة التقدم بين البشر .

من أهم مؤلفاته " نقد العقل الخالص " الذي بين فيه القيمة النسبية للمبادئ العقلية ، راسماً للفلاسفة حدود المعرفة النظرية ، و " نقد العقل العملي " و " نقد ملكة الحكم " ، وقصد فيهما الإشادة بالحرية الإنسانية والأفكار الميتافيزيقية على أسس ثابتة راسخة.

فى أواخر القرن الثامن عشر(عام 1775م ) أصدر كتاباً بعنوان "مشروع السلام الدائم" بمدينة "كونيغسبرغ"، ووضع أسس مشروع كتابه " من أجل سلام دائم" في ظروف الثورة الفرنسية ، وكصدى للأفكار والمخاوف التي اعقبت السنوات الطويلة من الحرب المدمرة بين روسيا والمرجعيات والعروش الأوربية من جهة ، والجمهورية الفرنسية الوليدة من جهة أخرى ....، كان الناس آنذاك يتمنون العيش في سلام ، لذا جاء كتابه الشهير تعبيراً عن مبادئ وقيم الثورة الفرنسية ( الحرية والإخاء والمساواة) ، وقد فرض مشروع " كانط " نفسه بين أدبيات الفكر السياسي من خلال أفكار أساسية طرحها لمكونات ميثاق السلام الدائم ، خاصة تحالف الشعوب من أجل السلام ، وعليه كان طرح " كانط " للسلام الديمقراطي عكس ما طرحه " صامويل هنتنجتون " الذي تنبأ بصراع الحضارات.

وفي كتاب " مشروع السلام الدائم " حاول وضع أسس لتنظيم العلاقات الإنسانية ودرء خطر وقوع الحرب في المستقبل نهائياً .. ،فكانط لم يكن مواطنا بروسياً( ألمانياً) بل مواطناً عالمياً.

وكانت أهم أسس ودعائم المشروع الكانطي للسلام :

السلام الدائم بين الأمم ناتج عن الترابط الطبيعي بين الدول الديمقراطية أو الجمهورية، وهو النظام السياسي القائم على القانون والدستور المدني وحقوق الإنسان.

العلاقة السلمية بين دول الحوار الديمقراطي والحرية وإرادة الشعب.

عدد الدول الديمقراطية سيزداد ليملأ العالم.

الديمقراطيات لا تتسالم مع الدول الاستبدادية الأصولية، التي لا تعرف الحوار.

حقوق الإنسان كمواطن عالمي تكون محددة بالقانون العالمي.

وتتجاوز فلسفة " كانط " السياسية عن السلام إلي اعتبار السلام مشروعاً بعيد الأمد ، يتحقق بتغيير الإنسان ومنح السلام أساساً قانونياً - حتى يكون هناك إطار حامى للسلام وتتحول علاقات القوة إلي علاقات قانون- و يجعل من الحرب " أمرا مستحيلا " لأنها خسائر بشرية واقتصادية وتحرم الإنسان من حقوقه الأساسية .

كما أنه باستعراض كتابه لمعظم الأنظمة السياسية التي عرفها التاريخ البشري، نلحظ تأكيده علي أن النظام الجمهوري الذي يقوم على دستور يحمي حريات المواطنين، هو الوحيد الكفيل بتحقيق السلام الأبدي، حيث تتحقق المساواة بين المواطنين والحرية الإنسانية...

نادى كانط بنوع من الفيدرالية الدولية كحلف بين الدول الحرة الديمقراطية ، التي يجب أن تمتد إلى كل الدول ليتحقق السلام العالمي ، واستعان لمواجهة العنف بفكرتين أساسيتين في فلسفته، هما الاقتناع بأن التطور سيصب حتماً في صالح البشرية ، والتأكيد بأن الغلبة ستكون في النهاية لقوي الخير والقيم الإنسانية على قوى الشر.

مشروع كانط يرى النور:

فكر عدد من رؤساء أمريكا في تنفيذه ، خاصة " ودرو ويلسون " وهو الرئيس الثامن والعشرون للولايات المتحدة الأمريكية (1913م -1921م) ، الذي تتلمذ على أفكار كانط ، وأسس ل " عصبة الأمم " بعد الحرب العالمية الأولى مباشرةً لحل النزاعات الناشبة عن طريق الاحتكام للقانون الدولي لا السلاح ، وقد كانت هذه الفكرة ثورية آنذاك وتمثل انقلاباً على موازين القوة...

وقال ويلسون إن "هناك مبدأ أساسياًً يقود كل سياستي وأعمالي وهو الحق والعدل لكل الشعوب والأمم ، وأن تعيش بسلام وجو من الحرية بشكل متساو... حتى تتحقق العدالة الكونية "، لكن للأسف السياسة الأمريكية لم تكن دائماً وفية لمبادئ ويلسون الأربعة عشر، رغم إنشاء " الأمم المتحدة " بعد الحرب العالمية الثانية وقيامها علي انجازات عصبة الأمم ، وأعقبها ظهور : المحكمة الجنائية الدولية ، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي بعد أن كان مجرد مجموعة اقتصادية أوروبية، ومنظمة التجارة العالمية، ونموذج الاتحاد الافريقي، ومحكمة العدل الدولية، وحلف الناتو، ومجموعة الثماني ...

قد تكون مدينة " اليوتوبيا " السياسية المعاكسة عند البعض للواقع السياسي الدولي اليوم ، فرضية للتفكير في سؤال آخر هو هل وصل النظام الدولي الآن لنهايته في ظل التغيرات التي طرأت على مبدأ السيادة ؟ ... هناك إمكانية لنشر السلام في العالم وداخل حدود البلدان ذاتها ، لكننا بحاجة إلى مفاهيم مشتركة حول قيم أساسية أهمها الديمقراطية ، ووضع أسس وآليات لمشروع سلام عالمي تحقيقاً لما طمح إليه " كانط " ، كإصلاح هيئة الأمم المتحدة ، فنظامها مفتقد للشرعية الديمقراطية حاليا لتغييبه مبادئ المساواة والعدل بين الشعوب ب " حق الفيتو داخل مجلس الأمن "، كما أن السلطات التنفيذية المذكورة ماعدا الاتحاد الأوروبي اتحادية، و ليس لها قدرة تنفيذ القرارات أو بيدها آليات حماية الحقوق الأساسية للإنسان أو منع وقوع اعتداءات واسعة النطاق ، مع كم المعاهدات الدولية المتعارضة والمتداخلة..

نقد فكر " كانط " :

تعرض كانط لانتقادات معينة أمثال المقدمة من " جوته ، انطونيو جرامشي ، ميشيل فوكو وهابرماس" ، ورغم انتشار الديمقراطية إلا أن السلام لم يتحقق ، فالحروب ما تزال قائمة وغالباً ما تكون لأغراض تتناقض وتتنافي مع الديمقراطية ذاتها ، وعليه فإن أفكار " كانط " مازالت عاجزة عن إنهاء الحروب وربما لأنه أغفل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والإيديولوجية ، ولكن " هابرماس " طمح في حكومة دولية تنفيذية تشريعية وقضائية تنطبق قوانينها علي جميع الشعوب في العالم أو بالأصح " حكومة كوسموبوليتية" ، وعليه فإن بعض وليس كل ما كان في عصر " كانط " لا يعد أمراً منزلاً يناسب كل زمان ومكان ، لتغير وتعقد الحياة والأفكار كثيرة عما رأي " كانط " .

توقيع المتفائل

منتدياات حد الغربية