خواطر الحمار في بلاد الحاكم !!!

شخصية هامة · 30/04/2008

خواطر حمار ...

فــي بــلاط الــحــاكـــم

خواطر الحمار في بلاد الحاكم !!! DonkeySmall

الإهداء :

إلى الحمار الذهبي لأبوليوس
إلى حمار توفيق الحكيم

إلى حمار رضا حوحو
إلى حمار الكونتيسة دي سيغور
إلى حمار خوان رامون خمينث
إلى حمار محمد زتيلي
إلى جحش عمر البرناوي

مشيت مدة سنة ولم يعترض أحد طريقي حتى وصلت إلى قصر الحاكم فقابلني الحاجب وما إن سلمته وثيقة الشفاعة حتى رحب بي بحرارة غير متوقعة، وقادني إلى رئيس الديوان ، فرحب بي ترحيبا حارا وقدم لي عصيرا باردا ثم أخبرني أنّ الحاكم في انتظاري ..
لما دخلت على الحاكم في بلاطه وجدته جالسا على حصير وحوله الوزراء والمستشارون يلبسون البياض يرتشفون كؤوس الشاي المنعنع، وقد بدا على بعض من عرفتهم، القلق والارتباك .. وراعني إذ رأيت منصة ضخمة علق فوقها حبل مشنقة، فارتبكت لان في الأمر إنّ ..
أمرني الحاكم أن أتقدّم منه أكثر وأجلسني بقربه.. حمدت الله على أ ن الأمور في القمة ليست معقدة كما في القاعدة .. وبعد أن قدم لي الشاي قال لي :
هكذا اذا سيادة الحمار المحترم تريد تأليب شعبي علي ؟
قلت متعجبا :
• كلا يا سيدي الحاكم، هذا لم يكن في نيتي أبدا، ولا كان من ضمن برنامجي ..
قال :
• أنت تراوغ .. والأحسن لك أن تعترف وتقدم الاعتذار وإلا كان مصيرك الهلاك ..
قلت:
يا سيدي الحاكم لقد غامرت بحياتي .. وأنكرت ذاتي في سبيل خدمة الآخرين، وتحمّلت المصاعب من اجل مقابلتكم ..
صاح صوت من الخلف:
ليشنق هذا المتمرّد ..
وقال آخر :
ليرجم اللعين ..
وقال آخر :
ليحرق هذا الحمار الدجّال ..
وتدخل القاضي بوقاره واستأذن الحاكم قائلا :
سيدي الحاكم، إنّه لا يجوز محاكمة أيّ كان ولو كان حمارا في بلدنا الديموقراطي حتى تثبت إدانته ..
وتعالت الأصوات :
الموت للحمار .. الشنق له .. الحرق له ..
قال الحاكم :
إذا، فلتكن المحاكمة العادلة .. وليكن حكم القاضي فيصلا ..
قال القاضي :
بإمكانك أن تدافع عن نفسك أو تختار محاميا يدافع عنك ..
وتقدم محام بدين في زيه الرسمي وبعد أن استأذن الحاكم والقاضي قال :
أيها السادة .. أنا أتطوّع للدفاع عن هذا الحمار التفت إليّ القاضي، وقال :
هل تقبل أن يدافع الأستاذ عنك أيها الحمار ؟ قلت :
شكرا للسيد المحامي على تطوعه للدفاع عني ولكني لست ادري إن كان سيدافع عني أحسن مني ..
طلب القاضي من الحمير أن يختاروا من يتحدث باسمهم ، فاختلف الحمير فيما بينهم فقلت لهم :
اتركوا أنانية البشر وعودوا إلى قيم أجدادكم وستجدون من ينوب عنكم .
فقال حمار طاعن في السن :
فلنحتكم إلى قيم الحمير الأصيلة .. فليتقدم اكفأ حمار يستطيع القراءة وله قدرة على الخطابة ولتصمت كل الألسنة الطويلة .. وتقدم حمار وقدم نفسه، فلم يعترض عليه أحد .. فتوجه إلى القاضي :
سيدي القاضي .. إننا معشر الحمير نتبرأ من هذا الحمار المتعجرف المغرور .. إنّه يقف في وجه مجتمعنا ولا يريده أن يتطور ، ولذلك يسخر من أحزابنا وجمعياتنا وأعيادنا التي أخذناها عن البشر.. ولهذا نطلب منكم أن تسلطوا عليه عقوبة الإعدام ..
لم اصدق أنّ قومي وقفوا مني هذا الموقف السلبي ..التفت إليّ القاضي وقال:
هل سمعت .. أنّ قومك يطلبون لك الإعدام ..
قلت مادام قومي تنكروا لي، لعلّ هؤلاء البشر يشفعون لي، وقد قدمت لهم يد المساعدة، والتفتّ إلى السيد المير لعله يشهد لي بفضل وينقذني من المشنقة فقال:
انا ليس لي دليل ضدك ولكني منتخب، ولن أكون ضد إرادة الحمير الذين تشبعوا بقيم البشر وصاروا مثلهم .. لن أكون ضد إرادتهم ..
بلعت خيبتي وقلت :
السيد الكوميسار، مسؤول الأمن، قد يذكر لي فضيلة
انا مسؤول عن امن وسلامة المواطنين حميرا كانوا أم بشرا ، ولهذا لا استطيع أن اشفع لحمار تمرد على قومه وتورط حتى أذنيه ..
والتفت إلى رئيس النقابة وقلت له:
وأنت يا سيدي؟
أنا أمثل العمال الكادحين من أجل بناء الاقتصاد وأنت أيها الحمار ترفض الانخراط في النقابة وترفض دفع الاشتراك فكيف تريدني أن أدافع عنك ؟
والتفت إلى أمين الكتاب وذكرته بالخدمة التي قدمتها له،
فقال :
أنا أمثل النخبة المستنيرة، وأنت أيها الحمار تريدني أن أدافع عنك ليس هذا من اختصاصي،
والتفت إلى حضرة الجنرال لعل قلبه يعطف علي فقال لي :
أنا امثل العسكر ومهمتي لا تسمح لي بالتدخل في الشؤون المدنية ..
بقي شاهد واحد .. امرأة وحيدة .. زعيمة النساء، وسيدتهم .. لم استطع أن اسألها .. لكنّها بادرت بنفسها وقالت :
سيدي القاضي .. هذا الحمار ..صادق في أقواله .. وأنا اشهد له بالصدق .. والنبل .. والاستقامة .. لم يطلب شيئا لنفسه .. وإنّما حاول أن يحمي قومه من الانحراف والانحلال.. وقدّم لهؤلاء المسؤولين الذين ينكرونه اليوم أفكارا جميلة أنقذتهم من ورطاتهم وقدمت حلولا عقلانية للبشر.. فمن العار أن ننكر دوره في ترقيتنا، ونتركه يذهب إلى حبل المشنقة وحيدا ..
والتفت القاضي إلى المسؤولين فطأطأوا رؤوسهم مؤكدين ما قالته سيدة النساء.. ثم صاحوا جميعا :
إنّه حمار خير .. كان يريد الخير لقومه الحمير، وقدم الخير الكثير للبشر .. نشهد بأفضاله علينا .. ونطلب منه الصفح ..
والتفت القاضي إلى بني جلدتي الحمير وخاطبهم
وأنتم أيها الحمير هل مازلتم تطلبون له الموت ؟
شعر بنو جلدتي بالخيبة بعد أن شهد البشر بأفضالي وفضائلي، وصاحوا جميعا:
انه زعيمنا .. له منا ألف تحية .. ألف عذر ..
قال القاضي :
2 بعد سماع الشهود الذين شهدوا لصالح الحمار النوميدي وبرأوه من التهم المنسوبة إليه .. حكمت المحكمة بالبراءة لصالحه ..
والتفت إليّ الحاكم وقال :
هل تقبل أن تصبح مستشاري الخاص .. وتروي لي ما تعرفه من تجارب الأجداد ؟
قلت :
قبلت يا سدي الحاكم ، بشرط أن توفر لي هامشا من الحرية ..
قال الحاكم :

3 لك ما تريد ..
خواطر الحمار في بلاد الحاكم !!! 17149